ثورة الذكاء الاصطناعي: دعم غير مسبوق لذوي التنوع العصبي لتحقيق التميز والإبداع
الذكاء الاصطناعي يمكّن ذوي التوحد وفرط الحركة من التميز في العمل
تشير دراسات حديثة إلى أن الذكاء الاصطناعي بدأ يلعب دورًا إيجابيًا في دعم العاملين من ذوي التنوع العصبي، مثل المصابين بالتوحد أو اضطراب فرط الحركة وتشتّت الانتباه (ADHD) أو عسر القراءة. هذه الأدوات لا تُسهِّل فقط أداء المهام اليومية، بل تمنحهم فرصة عادلة للتعبير عن قدراتهم والإبداع في مجالات العمل المختلفة.
دعم ذكي لتحسين التركيز والتنظيم
تحكي تارا ديزاو، مديرة التسويق في شركة Pega والمصابة باضطراب فرط الحركة وتشتّت الانتباه، عن تجربتها قائلة: "كنت أجد صعوبة في متابعة الاجتماعات وتدوين الملاحظات، لكن أدوات الذكاء الاصطناعي أصبحت تساعدني في تنسيق محاضر الاجتماعات واستخلاص أهم النقاط دون عناء."
تتعدد الأدوات بين برامج تسجيل الملاحظات الذكية، والمساعدين الرقميين لتنظيم الوقت، وأنظمة دعم التواصل الداخلي بين الفرق. هذه التقنيات تركز على تقوية مهارات التنظيم والانتباه التي غالبًا ما تمثل التحدي الأكبر أمام العاملين من ذوي التنوع العصبي.
بيئة شاملة تعني أرباحًا أكبر
أظهرت أبحاث متخصصة أن المؤسسات التي تدمج الذكاء الاصطناعي لتسهيل عمل ذوي الاحتياجات العصبية تحقق زيادة في الإيرادات تصل إلى 20% مقارنة بالشركات التقليدية.
السبب بسيط: بيئة العمل المتفهمة تطلق العنان لإبداع هؤلاء الأفراد، الذين يتميزون غالبًا بتركيز فائق وقدرة تحليلية مميزة متى ما تم توفير الأدوات المناسبة لهم.
تحديات الحوكمة والأخلاقيات
رغم الفوائد الكبيرة، تحذر كريستي بويد، المتخصصة في أخلاقيات الذكاء الاصطناعي، من مخاطر التحيّز الخوارزمي وسوء استخدام البيانات الحساسة.
وتشدد على ضرورة إشراك العاملين المصابين بالتوحد أو فرط الحركة في مراحل تصميم واختبار هذه الأنظمة، لضمان عدالة التجربة وتجنب ترسيخ الصور النمطية عنهم.
مبادرات لتعزيز الدمج والشمول
شهدت السنوات الأخيرة انطلاق مبادرات عالمية مثل مشروع “Bias Bounty Challenge” التابع لمنظمة Humane Intelligence، والذي يهدف إلى اكتشاف التحيزات في أنظمة الذكاء الاصطناعي وبناء أدوات أكثر شمولاً وعدلاً.
كما يجري تطوير تقنيات الذكاء العاطفي الاصطناعي لمساعدة الموظفين الذين يجدون صعوبة في قراءة تعبيرات الوجوه أو نبرات الصوت أثناء الاجتماعات الافتراضية، ما يسهل التواصل ويزيد التفاعل الإيجابي داخل الفرق.
تجربة ملهمة من الواقع
تختم ديزاو حديثها بعبارة مؤثرة: "عندما بدأت استخدام هذه الأدوات، شعرت وكأن أحدهم أضاء غرفة كانت مظلمة لسنوات. الذكاء الاصطناعي سمح لي بالتركيز على ما أجيد فعله فعلًا، ورفع عني عبء المهام المشتتة."
تكشف هذه التجارب أن الذكاء الاصطناعي لم يعد مجرد أداة إنتاجية، بل أصبح جسرًا للتفاهم الإنساني والشمول المهني. إنه يفتح الباب أمام فئات طالما وُضعت على الهامش لتصبح اليوم في مقدمة المبدعين، ويؤكد أن المستقبل سيكون أكثر عدلًا عندما يجتمع الذكاء الإنساني والاصطناعي في منظومة واحدة تخدم الجميع.
