هانم آدم تكشف الحقيقة: مأساة إنسانية تضرب الفاشر والأطفال في أخطر مراحل الأزمة
في خضم الحرب الدامية التي تضرب مدينة الفاشر ومناطق شمال دارفور، تتكشف مأساة إنسانية غير مسبوقة يعيشها مئات الآلاف من المدنيين يوميًا. وتصف الصحفية والناشطة السودانية هانم آدم المشهد هناك بأنه "كارثي بكل المقاييس"، مؤكدة أن الأهالي يواجهون أوضاعًا صحية ومعيشية في غاية القسوة وسط انهيار شبه كامل للخدمات الأساسية.
تقول آدم إن المعاناة بلغت مرحلة حرجة، خاصة بين الأطفال وكبار السن الذين تزداد أعداد المتضررين منهم يومًا بعد يوم نتيجة سوء التغذية، وغياب الرعاية الصحية، وانتشار الأمراض المعدية التي تضرب المنطقة بلا توقف. وتشير إلى أن الأمراض وعلى رأسها الكوليرا والإسهالات الحادة كانت متوقعة منذ أشهر، حيث سبق للمنظمات الإنسانية أن حذرت من ارتفاع الإصابات، إلا أن غياب الدعم وغياب الحلول زادا الوضع سوءًا.
وتضيف أن الصور المنتشرة عبر منصات التواصل الاجتماعي تكشف حجم الكارثة بوضوح، حيث يظهر أطفال هزيلون يُنقلون في عربات صغيرة بعدما فقدوا القدرة على الحركة بسبب الجوع والمرض، في مشاهد تعكس أقسى جوانب الأزمة الإنسانية التي يعيشها السكان.
وتؤكد آدم أن المستشفيات في الفاشر انهارت بشكل كبير، مع نقص حاد في الأدوية والمستلزمات الطبية، مما جعل علاج الحالات الحرجة شبه مستحيل. كما تسبب توقف خدمات المياه والصرف الصحي في انتشار التلوث، وارتفاع معدلات الإصابة بالأمراض المنقولة عبر المياه، ما وضع الأهالي أمام مخاطر صحية متلاحقة.
وتوضح أن واحدة من المشكلات الخطيرة تتمثل في عدم دفن الجثث بطريقة آمنة، الأمر الذي أدى إلى انتشار روائح نفاذة وجذب الحشرات والقوارض، وهو ما يفاقم احتمالات انتشار الأوبئة بصورة تهدد حياة المدنيين المتبقين في المنطقة.
ويزداد الوضع تعقيدًا مع النزوح الجماعي للأطفال غير المصحوبين بذويهم، حيث يضطر الكثير منهم لقطع مسافات طويلة بحثًا عن مناطق أكثر أمانًا، بينما تظل المساعدات الإنسانية والرعاية الصحية المتاحة بعيدة تمامًا عن تلبية احتياجاتهم الأساسية. وتؤكد آدم أن هؤلاء الأطفال وكبار السن، الذين يعانون أصلًا من سوء التغذية، أكثر الفئات عرضة للوفاة إذا استمرت الظروف الحالية على ما هي عليه.
كما تشيد بجهود المتطوعين وبعض المنظمات الدولية التي تحاول توفير الغذاء والمياه عبر "التكايات" في بعض المدن، لكنها تؤكد أن هذه الجهود رغم أهميتها تظل محدودة للغاية مقارنة بحجم الأزمة المتفاقمة. وتشدد على ضرورة تدخل المجتمع الدولي بشكل عاجل لتوفير مياه شرب آمنة، وعلاج، ومستلزمات طبية، إضافة إلى ضمان دفن الموتى بطرق صحية تحفظ كرامتهم وتمنع انتشار الأوبئة.
وترى الصحفية السودانية أن الوضع في الفاشر أصبح مرآة لحقيقة خطيرة: الأزمات الصحية والمعيشية هناك لم تعد مجرد تحديات مؤقتة، بل تهديدًا مباشرًا لحياة المدنيين، مع انتشار التلوث، والأمراض المعدية، وارتفاع الضغوط النفسية والمعيشية على السكان الذين يعيشون في حالة حصار مستمرة.
وتختتم آدم حديثها بالتأكيد على أن التأخير في تقديم المساعدات قد يؤدي إلى مضاعفة الكارثة بشكل يفوق التوقعات، مطالبة بضرورة وضع حماية المدنيين، وتأمين المساعدات الغذائية والطبية، على رأس أولويات أي تحرك دولي قادم، خاصة أن الأطفال وكبار السن يواجهون خطرًا مضاعفًا في هذه الأزمة الإنسانية غير المسبوقة.
