مستقبل الذكاء الاصطناعي بين الطفرة والانهيار الاقتصادي
تكنولوجيا - الذكاء الاصطناعي. منذ إطلاق ChatGPT في نهاية 2022، انطلق العالم في سباق استثماري غير مسبوق على الذكاء الاصطناعي. وخلال هذا العام وحده، أنفقت شركات التكنولوجيا العملاقة أكثر من 400 مليار دولار على بناء مراكز البيانات وتطوير البنية التحتية، وفق تقرير لمجلة الإيكونوميست.
ويتوقع محللون أن يتجاوز حجم استثمارات الذكاء الاصطناعي عالميًا حاجز 3 تريليونات دولار بحلول 2028، وهو ما يجعلها واحدة من أضخم الموجات الاستثمارية في التاريخ الحديث. لكن يبقى التساؤل الأهم: هل تتحول هذه الطفرة إلى محرك للنمو أم فقاعة مهددة بالانفجار؟
الذكاء الاصطناعي والتنمية الاقتصادية | سباق نحو الذكاء الاصطناعي العام
شركات مثل OpenAI وAnthropic أصبحت تجذب مليارات الدولارات كل بضعة أشهر، بينما تقترب قيمتهما السوقية معًا من نصف تريليون دولار. الحماس الكبير يرتبط بما يُعرف بـ الذكاء الاصطناعي العام، أي النماذج التي يمكنها التفوق على البشر في معظم المهام الإدراكية.
لكن حتى في السيناريوهات المتفائلة، يرى خبراء أن كثيرًا من المستثمرين قد يخسرون أموالهم، بينما سيحقق آخرون عوائد ضخمة. هذه الرهانات دفعت شركات التكنولوجيا إلى التوسع المفرط في إنشاء مراكز بيانات ضخمة وزيادة قدرات الحوسبة، مع دخول لاعبين جدد من شركات الكهرباء والعقارات وحتى "أوراكل"، التي ارتفعت قيمتها السوقية بفعل توقعات أعمالها المرتبطة بالذكاء الاصطناعي.
أصول قصيرة العمر ومخاطر التباطؤ
بعكس فقاعات تاريخية مثل السكك الحديدية أو الإنترنت، يتجه أكثر من نصف الإنفاق الحالي نحو خوادم ورقائق لا يتجاوز عمرها الافتراضي بضع سنوات. وهذا ما يزيد من هشاشة مستقبل الذكاء الاصطناعي، حيث قد تفقد الاستثمارات قيمتها سريعًا إذا تباطأ التبني أو ظهرت مشاكل في الطاقة والإمدادات.
صحيح أن البنية الأساسية مثل المباني ومحطات الكهرباء يمكن إعادة استخدامها، لكن الجزء الأكبر من العتاد الإلكتروني قد يتحول إلى "خردة" خلال وقت قصير إذا فقد السوق زخمه.
انعكاسات اقتصادية واسعة
بحسب الإيكونوميست، أسهمت طفرة الذكاء الاصطناعي بما يقارب 40% من نمو الناتج المحلي الأميركي في 2024، رغم أن القطاع لا يمثل سوى نسبة محدودة من الاقتصاد. أي تباطؤ في الاستثمارات سيؤدي مباشرة إلى تراجع النمو، تقليص بناء مراكز البيانات، وفقدان آلاف الوظائف المرتبطة بالتقنية.
كما أن أسواق الأسهم الأميركية أصبحت معتمدة بشكل كبير على شركات الذكاء الاصطناعي، في وقت تمثل فيه الأسهم حوالي 30% من صافي ثروة الأسر الأميركية. أي هزة في أسعار تلك الشركات ستنعكس فورًا على الاستهلاك وثقة المستثمرين، تمامًا كما حدث خلال فقاعة الإنترنت عام 2000.
بين الأمل والانهيار
- التاريخ يُظهر أن الفقاعات الاستثمارية عادة ما تترك أصولًا مفيدة، مثل السكك الحديدية أو شبكات الألياف الضوئية. لكن مع فقاعة الذكاء الاصطناعي، الوضع مختلف؛ لأن معظم الاستثمارات موجهة إلى معدات سريعة التقادم.
وإذا تحقق السيناريو المتفائل ووصل العالم إلى الذكاء الاصطناعي العام، فقد يدخل الاقتصاد العالمي مرحلة نمو تاريخية بمعدلات تصل إلى 20% سنويًا. أما إذا خاب الأمل، فإن الخسائر الاقتصادية ستكون سريعة وقاسية.
يبقى مستقبل الذكاء الاصطناعي معلقًا بين وعود بازدهار اقتصادي غير مسبوق ومخاطر فقاعة قد تلتهم مليارات الدولارات. وبينما تستمر الاستثمارات الضخمة في مراكز البيانات والتقنيات المتقدمة، يظل التحدي الأكبر هو التأكد من أن هذه الطفرة ليست مجرد موجة مؤقتة. والسؤال المطروح: هل يقودنا الذكاء الاصطناعي إلى عصر جديد من النمو والابتكار، أم أننا نقترب من فقاعة قد تنفجر في أي لحظة؟ هذا ما سيحدد بالفعل شكل مستقبل الذكاء الاصطناعي.