التفاهة وصعودها في زمن القيم الغائبة
في كتابه "نظام التفاهة"، يصف الفيلسوف الكندي"آلان دونو" واقعًا مريرًا يتجلى بسيطرة التافهين على المشهد العام. يقول: "إن التافهين قد حسموا المعركة لمصلحتهم؛ فأصبح بإمكان أي جميلة بلهاء أو وسيم فارغ أن يفرضوا أنفسهم على الجمهور."
لقد تغيرت معايير التقييم المجتمعي في مجتمعنا بشكل عام، فلم تعد القيم والمبادئ الراقية هي الحاكمة. عوضًا عن ذلك، استحوذ التافهون على فضاء التواصل الاجتماعي، وبات الإسفاف والابتذال أدواتهم للسيطرة. في زمن الانحدار الأخلاقي والثقافي، أصبحت الشهرة ترتبط بالإثارة الفارغة بدلاً من القيمة الحقيقية، وتحولت منصات التواصل إلى ورش لإنتاج التفاهة التي قلما تحمل أي مضمون جاد أو هادف.
ماهي أسباب التفاهة وآثارها ؟
- أسباب انتشار التفاهة: توفر الوسائل الرقمية فرصة لأي شخص لنشر محتواه بغض النظر عن قيمته أو خلفيته.
- السعي وراء الشهرة: الرغبة في الانتشار السريع دفعت الكثيرين لتقديم محتوى مثير للجدل، فارغ من أي مضمون.
- الأثر السلبي للتفاهة: تدهور القيم الأخلاقية، وقد ساهم المحتوى السطحي في ترسيخ أنماط تفكير وسلوكيات سلبية كثيره.
- إفساد الذوق العام: أصبح المحتوى الهابط أكثر انتشارًا، مما أدى إلى تهميش الفكر القيمي.
- تزييف الوعي وزعزعة الوعي المجتمعي: أدت هذه الظاهرة إلى تسطيح الفكر وتضليل الرأي العام.
صناعة التفاهة تعتبر عملية ممنهجة
ما نعيشه اليوم ليس مجرد انتشار عشوائي للتفاهة، بل عملية ممنهجة تدفعها أجندات تسعى لإشغال الناس عن قضاياهم الأساسية. فقد أصبحت التفاهة نمط حياة ووسيلة تدر أرباحًا طائلة، إذ يتم تنصيب من يفتقرون إلى العمق الفكري والأخلاقي كنجوم على عرش الشهرة، في عالم تسيطر عليه السطحية.
كيف نواجه التفاهة؟
- تعزيز المحتوى القيمي: دعم المبدعين وأصحاب الفكر الهادف والمحتوى البناء.
- الوعي المجتمعي: نشر التوعية بأهمية انتقاء المحتوى الذي نتابعه ونتفاعل معه.
- دور المؤسسات: فرض رقابة على المحتوى الذي ينشر القيم السلبية، والعمل على تعزيز دور القيم في بناء مجتمع متماسك.
- على كل فرد مسؤول في المجتمع يجب عليه أن يتجنب متابعة المحتوى التافه وأن يكون جزءًا من الحل، لا المشكلة. كما قال الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "إن لله عبادًا يميتون الباطل بهجره." فلنتجاهل صانعي التفاهة لنحدّ من نفوذهم، ونصنع واقعًا أفضل يقوم على قيم حقيقية تستحق الاحتفاء.
أضرار التفاهة على المجتمع والأطفال في السوشيال ميديا
التفاهة في المجتمع بشكل علني بكل أسف، وهذا يدل علي الانحطاط والتدهور الذي نعيشه في هذا العالم قي السنوات الاخيرة، وهذا بعد انتشار السوشيال ميديا.
انتشار التفاهة في وسائل التواصل الاجتماعي يؤدي إلى تدهور القيم والمبادئ في المجتمع، حيث تُروَّج السطحية والإسفاف على حساب المحتوى الهادف. بالنسبة للأطفال، تكون الأضرار أكبر وأعمق؛ إذ يتعرضون لمحتويات غير لائقة تُشوِّه مفاهيمهم وتضعف إدراكهم.
تشجع هذه الظاهرة الأطفال على تقليد السلوكيات السلبية، مما يضعف مهاراتهم الاجتماعية والفكرية، ويجعلهم عرضة لاضطرابات سلوكية مثل الإدمان على الشاشات والانعزال عن الواقع. بالإضافة إلى ذلك، تسهم التفاهة في تشكيل عقولهم بأسلوب يفتقر إلى القيم الأخلاقية، ما ينعكس سلبًا على مستقبلهم وسلوكهم المجتمعي.